-A +A
عيسى الحليان
يقول لي أحد المرشدين السياحيين الذي رافق أحد الوفود القادمة من أوروبا أثناء زيارتهم لمحافظة العلا، ومن بينهم كان من ينتمي إلى إحدى العائلات الملكية في أوروبا أن هذا الأمير ظل يردد على مسامعي عبارة: آسف جداً ثلاث مرات متتالية، وعندما سألته عن ماذا؟ قال عن الانطباع الخاطئ الذي أخذته عن بلادكم طوال هذه السنوات والصورة الذهنية التي اختزلتها عن المملكة دون وجه حق !! وعندما سألته كيف ترى الصورة الآن؟ قال إنني لا أكاد صدق ما أراه في بلادكم ليس في محافظة العلا فحسب وإنما من لحظة وصولي إلى الرياض وحتى هذه اللحظة!

كل من وطأت رجله أرض العلا كان مصدوماً بالإبهار في سحر منحوتاتها التاريخية وجمال تكويناتها الصخرية وبكارة أرضها وكرم ناسها وعدم مطابقتها مع الصورة الذهنية المرسومة من قبل «الميديا العالمية» في مخيلة الناس في أوروبا وأمريكا وغيرهما عن المملكة طوال خمسة عقود.


لسنا فوق النقد ولا ننكر بأنه كان ثمة أخطاء ساهمت في تشويه الصورة وأعطت ذريعة للمتربصين، وبعضها للأسف صادرة من أناس محسوبين علينا، لكن تبقى بلادنا وجهة حضارية ضاربة في أعماق التاريخ، رفع سمو الأمير محمد بن سلمان الغطاء عن بعض مفاصل جمالها وأناقتها أمام العالم أجمع.

ليس لإقامة هيئة ملكية في العلا سوى تفسير واحد فقط، وهو إدراك القيادة للكنوز الأثرية في هذه المنطقة وقيمتها في بورصة السياحة العالمية والتعامل معها كأحد مفاتيح السياحة في البلاد، والمعول عليها ليس في مجال تحقيق منافع سياحية أو اقتصادية فحسب، وإنما كوجهة جذب عالمية يمكن من خلالها أن نغير الصورة «المغشوشة» التي يجب أن نعترف بأنها لاتزال معششة في ذهنيات شرائح كبيرة من المجتمعات حول العالم.

ورغم هذه الفترة القصيرة من عمر الهيئة، إلاّ أنها استطاعت التعريف بهذه البقعة عالمياً والترويج لها بعيداً عن الضجيج الإعلامي المحلي، لكنها بطبيعة الحال تحتاج لمزيد من الوقت والخبرة والتجربة لتشكيل «لاندمارك» عالمي عن هذه البقعة، وتكريس الصورة الحضارية عن بلادنا، فالعلا فاتنة صحراوية أنيقة مازال الأمير محمد بن سلمان لم يبرح الفصل الأول من كتابة فصولها، قبل تقديمها للسياحة العالمية كأيقونة جديدة، وعندما تكتمل فصولها، أعتقد أنها ستكون من أهم المزارات الأثرية حول العالم.